بسم الله الرّحمن الرّحيم
مُقدِّمةٌ في ذمِّ الكذبِ و أهله
إنّ الحمدَ لله ؛ نحمده ، و نستعينه ، و نستغفره . و نعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ، و من سيّئاتِ أعمالنا . مَن يهدِهِ اللهُ فلا مُضلّ له ، و مَن يُضلِل فلا هادي له . و أشهدُ أن لا إله إلاّ الله - وحده لا شريكَ له - ، و أشهدُ أنّ محمّدًا عبده و رسوله .
أمّا بعد :
فإنّ اللهَ - سُبحانه و تعالى - يقول : (( يا أيّها الّذين آمنوا اتّقوا اللهَ و كونوا معَ الصّادقين )) [ التّوبة : 119 ] .
و يقولُ - عزّ و جلّ و علا - : (( إنّما يفتري الكذبَ الّذين لا يؤمنون بآيات الله و أولئك هم الكاذبون )) [ النّحل : 105 ] .
و يقول رسوله - صلّى الله عليه و على آله و سلّم - : (( . . . و إنّ الكذب يهدي إلى الفجور ، و إنّ الفجور يهدي إلى النّار ، و إنّ الرّجل ليكذب و يتحرّى الكذب حتّى يُكتب عند الله كذّابًا )) [ متّفقٌ عليه ] .
و ذكر - عليه و على آله الصّلاةُ و السّلامُ - - في حديث " الصّحيحين " - أنّ مِن آية المنافق و خصالِ النّفاق مَنْ (( إذا حدّث كذب )) .
و قال - عليه و على آله الصّلاة و السّلام - : (( . . . الصّدق طمأنينة ، و الكذب ريبة )) [ أخرجه التّرمذيّ ، و قال : حسنٌ صحيح ، و صحّحه شيخنا ] .
و قال الحافظ ابن أبي الدّنيا - رحمه الله - في " ذمّ الكذب و أهله " : (( 61 - حدّثنا محمّد بن أبي عمر المكّيّ ، و سفيان بن وكيع ؛ قالا : حدّثنا ابن عُيينة ؛ عن رجل ، و قال سفيان : عن الماجشون ؛ قال : كلّم عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - الوليدَ في شيء ؛ فقال له : كذبت ! فقال له عمر : ما كذبت منذ علمت أنّ الكذب يشين صاحبه . . .
82 - حدّثني العبّاس بن جعفر : حدّثنا ابن أبي رزمة ؛ عن أبيه ؛ قال : سمعت ابن المبارك يقول : أوّلُ عقوبة الكذب مِن كذبه : أنه يُردّ عليه صدقه . . .
84 - حدّثني أبو صالحٍ المروزيّ ؛ قال : سمعت رافع بن أشرس ؛ قال : قلت لخالد بن صبيح : أرأيت من يكذب الكذبة هل يسمى فاسقا ؟! قال : نعم . . .
86 - حدّثني أبو صالحٍ ؛ قال : سمعت رافع بن أشرس ؛ قال : كان يُقال : إن من عقوبة الكذّاب أن لا يُقبل صدقة . قال : و أنا أقول : و من عُقوبة الفاسق المبتدع أن لا يَذكر محاسنه)) اهـ .
و (( دخَلَ سليمانُ بنُ يَسارٍ على هشام بن عبد الملك ؛ فقال : يا سُليمان ! مَن الّذي تولّى كِبرَهُ منهم ؟
قال : عبدُ اللهِ بنُ أبيٍّ ابنُ سلولٍ .
قال : كذبت ! هو عليٌّ !!!
فدخلَ ابنُ شهابٍ [ هو الزّهريّ ] ؛ فسأله هشامٌ ؛ فقال : هو عبدُ اللهِ بنُ أبيّ .
قال : كذبت ! هو عليٌّ !!!
فقال : أنا أكذب لا أبا لك ؟!
فو اللهِ لو نادى مُنادٍ من السّماء : أنّ اللهَ أحلّ الكذب ما كذبت .
حدّثني سعيدٌ ، و عُروة ، و عُبيدٌ ، و عَلقمةُ بنُ وقّاص ؛ عن عائشةَ : أنّ الّذي تولّى كِبْرَهُ عبد اللهِ بن أبيٍّ . . . [ السّير : 5 / 215 - طبعة ( دار الكتب العلميّة ) ] .