أربعون وسيلة لاستغلال العشر الأواخر
العشر الأواخر لها فضل عظيم فهي خاتمة رمضان وعشر العتق من النيران وليلة القدر وسؤال الله العفو والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة وعشر الاعتكاف.ولاستغلال أمثل وأفضل وأكمل لهذه العشر العظيمة إليك هذه الوسائل :
1-تجديد النية والعزم علي الاستفادة من هذه العشر المباركة لما لها من خصائص عظيمة وما جاء فيها من نصوص كثيرة.
2-محاولة استدراك فضل العشر الأواخر وأن فيها من الخير والفضل والبركة ما ليس في غيرها .
3-العبرة بالخواتيم:ترى البعض يجتهد في الأيام الأولى من رمضان ثم يصيبه فتور ووهن فيقضي بقية ليالي رمضان يتسكع في الشوارع ويراقب الأسعار وتذهب الساعات هباء منثورا في اللغو والغيبة والسخرية والاستهزاء.وما درى المسكين أن العبرة بالخواتيم .
4 –هذه العشر هي عشر العتق من النيران ومن نجا من النيران وفاز بجنات النعيم فذالك هو الفوز العظيم .
5-المؤمن يحرص كل الحرص علي إدراك ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر
6-شد المئزر:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر الأواخر شد مئزره وهو كناية عن مضاعفة الجهد.
7-إحياء الليل بقراءة القرآن الكريم وقيام الليل والمناجاة فالحسنات تقود إلي الحسنات والسيئات تجر إلى السيئات
8-إيقاظ الأهل :العابد الرباني الحقيقي هو الذي يحرص علي صلاح وإصلاح أهله فيشاركهم الدعاء وقيام الليل وقراءة القرآن الكريم
9-قراءة الآيات التي تتحدث عن قيام الليل (إنا ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا)وقوله تعالي (ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) وقوله (كانوا قليلامن الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون )
وقوله (والمستغفرين بالأسحار )
فقراءة مثل هاته الآيات وغيرها من الأحاديث وقصص رهبان الليل مما يشوقك لإحياء هذه الليالي المباركة
10-إدراك البركة لأن الله جل جلاله قال عن ليلة القدر (إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) ومن رزقه الله البركة في الرزق والصحة والدين والأهل فأي خير يرجوه بعد هذا
يرى سعة في الرزق من غير أن يعرف السبب وسلامة في البدن وغيره يتجرع الغصص.ويرى الله يبارك له في الأوقات وإدراك الفرص العظيمة ، ويرى أهله من زوجة وأولاد وأقارب كما تقر عينه ويرتاح قلبه.
11-إدراك النصيب الأوفر من المقادير النافعة لأن المولى تبارك وتعالي قال (فيها يفرق كل أمر حكيم ) لأن لحظة تقدير المقادير يكون هذا العبد المؤمن في مناجاة ربه لابد أن تتداركه رحمة الله ولطفه
12-الشفاء من كثير من الأمراض:نقرأ كثير امن القصص أحدهم مصاب بمرض السرطان وآخر بالعمى وثالث بمرض عصبي واستيأس الأطباء من علاجهم فحرصوا علي العمرة في رمضان والشرب من ما ء زمزم والإكثار من الدعاء في هذه الليالي المباركة فحصلت المعجزة وشفاهم الله من الأمراض
13-أمر هذه النفس جد عجيب وخطير ففيها من العيوب والأمراض والعاهات ما لله به عليم ، أحدهم ضحية غروره وإعجابه بنفسه ، وثان مصاب بداء الرياء، وثالث مصاب بالمكر والخبث والاحتيال كما قال ابن القيم الجوزية رحمه الله في قوله المشهور في النفس كِبر إبليس ، وحسد قابيل
وعتو عاد ، وطغيان ، ثمود ، وجرأة نمرود .
واستطالة فرعون ، وبغي قــارون ،
وحيل أصحاب السبت ، وتمرد الوليد .
وجهل أبي جهل ، وحرص الغراب
وشَره الكلب ، ورعونــة الطاووس .
ودناءة الجُعل ، وعقوق الضب
وحقد الجمل ، ووثوب الفهـــد
وصولــة الأسد ، وفسق الفأرة .
وخبث الحيــة ، وعبث القرد .
وجمع النملـة ، ومكر الثغلــب .
ونـــوم الضبــع .
غير أن الرياضة والمجاهدة تُذهب ذلك
فمن أراد الشفاء من هذه الأمراض فعليه بالاجتهاد في هذه الليالي المباركة.فلا يصلح هذا الاعوجاج ويداوي هاته العلل سوى الإقبال الصادق علي الله تبارك وتعالي
14-إدراك فرصة العمر :فليلة القدر خير من ألف شهر وألف شهر هي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وهو معدل عمر الغالبية ممن يدركون الشيخوخة وكأن الله جل جلاله يقول لنا :أماكم فرصة العمر لاستدراك هذا العمر كله في ليلة واحدة فيا فوز من أدرك هاته الليلة المباركة.
15-تحقيق الأحلام:لكل واحد منا أحلامه ولا عيب في ذالك فقد خلق الإنسان ليكون طموحا ومن وجدته خامل الهمة فلعلة فيه.ومن أجل تحقيق هذه الأحلام طالما قرأنا كتب التنمية البشرية وشاركنا في الدورات وبحثنا هنا وهناك من أجل سبيل أيسر لتحقيق هاته الأحلام وأمامك العشر الأواخر فاجتهد فيها فلعلك تدرك هذه الليلة المباركة فتسأل الله جل جلاله تحقيق أحلامك وما ذالك علي الله بعزيز
16-جاء في الحديث ;كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن نسأل الله العفو والعافية (اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني ) والعفو من الله عدم المؤاخذة بالذنب وأن تنال رضا الله والعافية في الدنيا سلامة في البدن وراحة في القلب وسكينة في النفس واستقامة علي الدين ومن جمع الأربعة فقد جمع الخير كله.
17-قد يكون رمضان هذا آخر رمضان من حياتك فلا يعلم الغيب إلا الله والكل موقوف علي (كن فيكون )والأعمار بيد الله فأروا الله من أنفسكم خيرا ولنثبت ذالك بالأفعال لا بالأقوال .
18-التسويف القاتل والتمني واللامبالاة قتلت فينا العزائم وأخرت مشاريع كبرى إن لم تكن دفتنتها للأبد.هذا الخمول والكسل والتسويف جعلنا نتأخر تأخرا رهيبا حتى أن هناك أمثالا في غير محلها كأن يقال (اللي بغي يربح العام طويل )
فقم وبادر وثابر والعجلة في أمور الخير محمودة
غدا توفى النفوس ما كسبت ويحصد الزارعون ما كسبوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم وإن آساؤوا فبئس ما صنعوا
19.الابتعاد عن المعاصي له الأثر الواضح في استدراك مواسم الخير، فكم من معصية حرمت صاحبها من حلاوة الخشوع، وكم من جريمة في الليل حرمت صاحبها من صلاة الصبح ، وكممن كلمة جارحة جعلت قلوب الناس تنفر منك
20.الإلحاح في الدعاء يفتح أبوابا من الخير وكن وزامن الإيمان والله يحب العبد الملحاح الذي لا يكل ولا يمل ، فمن أدمن طرق الباب يوشك أن يفتح له كما قال سادتنا أهل الله.
21.مما حذر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ليلة القدر اختفت لما تلاحيا رجلان امام النبي صلى الله عليه وسلم
فمن أراد بصدق إدراك فضل العشر الأواخر وليلة القدر بالذات عليه بإصلاح ما بينه وبين الناس .
ومما يؤسف له أن العلاقات بين عباد الله تزداد سوءا يوما بعد يوم ،خصومات وأحقاد وضغائن،جيران لا سلام ولا كلام بينهم ،إخوة أشقاء أكلوا حقوق بعضهم البعض جهارا نهارا، زملاء في المهنة ينصبون الفخاخ لبعضهم البعض من أجل مكاسب دنيوية قد تتحقق وقد لا تتحقق.
22.الصدقة باب من أبواب الصلاح (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم والله سميع عليهم)فالصدقة طريق لتحقيق طهارة النفس ومدرج من مدارج التزكية وسبيل من سبل السكينة.
23.تعويد اللسان علي قراءة القرآن الكريم والذكر والدعاء ،فتجد نفسك تذكر الله وأنت تتحدث مع الناس وتقرأ كلام الله وأنت تمشي في الأسواق وتدعوا الله وأنت تتقلب في فراشك فتدرك ليلة القدر في لحظة قد تغفل أنت عنها ولا يغفل عنها رب العالمين
24.تحقيق محبة رب العالمين :وكما قال أحد العارفون :ليس المهم أن تحب لكن المهم أن تكون محبوبا من طرف رب العالمين كما في الحديث القدسي(إن الله تعالى قال : من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي سمع به و بصره الذي يبصر به ، و يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها و لئن سألني لأعطينه ، و لئن استعاذني لأعيذنه -رواه البخاري
فالنوافل طريق إلى حصول محبة رب العالمين ومتى تحقق ذالك فتلك البغية التي لا بغية بعدها.
هدية سامية يتسابق عليها أهل الهمم العالية .
25الاقتداء بالسلف الصالح:كل من سبقنا من السلف الصالح من مختلف القرون تسابقوا وشمروا وسهروا الليالي ولعلهم قد حطوا رجالهم فغي الجنة.
فمن علامة محبتهم وطاعتهم ان نسير على منهجهم (فبهداهم اقتده)
26.تدبر كلام رب العالمين وقراءة التفاسير واستشعار أن بكل حرف حسنة مما يدفعك دفعا من اجل الحصول علي هذه الخيرات العظام من الأجور فتختم القرآن الكريم وتعيد قراءته.
27.رمضان ضيف كريم وله مقام خاص في قلوب المؤمنين .ومن عادة الكرام ان الضيف أشد ما يكون إكراما وهو يهم بالرحيل فيشفع لي لك شهر الصيام عند رب العالمين.
28.عود نفسك سماع كلام الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل كلام حسن ،فالإنسان أسير عادته والعادة طبيعة ثانية ولكل امرىء من دهره ما تعودا.ومن عود نفسه سماع الأغاني وأحاديث الغيبة والنميمة واللغو فكيف يتلذذ بكلام الله وبمناجاة رب العالمين.
29.التذلل والانكسار لله رب العالمين طريق إلي العزة (أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا )وقوله تبارك وتعالي (ولله العزة ولرسوله وللمومنين)
والتذلل من أهم مقامات التزكية عند السادة الصوفية
30.قال تعالي (وأوصي بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )وفي الصحيحين(أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ) وهكذا يفعل المسلم يعبد ربه حتى يأتيه اليقين.فكيف والحال أن العشر الأواخر أيام استثنائية
31.الاعتكاف وهو لزوم المسجد وعدم الخروج منه لقراءة القرآن الكريم والصلاة والذكر والدعاء ومحاسبة النفس هو صورة مصغرة لدورة من دورات التزكية التي يقوم بها الربانيون ولا معنى لمن ينكر مثل هذه الامور فالأصل هو الاعتكاف.
32.ورد عن الحسن البصري رضي الله عنه أنه قال lيا ابن آدم إنما أنت أيام ،إذا ذهب بعضك يوشك أن يذهب كلك) فاجعل هذه الأيام أياما ذهبية في سلسلة أيام حياتك حتى إذا ما قال ربك (اقرأكتابك كفى بنفس يوم عليك حسيبا) فتمسك صحيفتك فإذ اهذه الأيام النورانية قد نورت صحيفتك فتبتسم وتفرح وتفتخر.
33.طالما حدثك الناس عن رب العالمين وعن بركات السادة الصالحين وقصصهم العجيبة وتشوق قلبك إلى ذالك، أمامك الفرصة لتتعرف على رب العالمين من خلال سياحةفي كتابه العظيم ودعاء حار ودموع في محراب العبودية ، وأمامك الفرصة لتشق طريقك كما شقوا طريقهم وتلازم ذالك، ولم يكن الطريق إلى الله في يوم من الأيام حكرا علي قوم دون قوم (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فألئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا)
34.وأنت ترى حال المسلمين المؤسف الحزين ،ذل وهوان وعمالة وتخاذل واستسلام وانهزام ، شقاق وافتراق ونفاق،ودماء تستباح وأعراض تنتهك ومقدسات تهدم ، والمخرج الحق من هذا صدق في التوجه إلي الله في مثل هذه الأيام المباركة (إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا)
35.وجوب إحسان الظن بالله :البعض هداهم الله وقد تغلبت عليهم العادة وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم فتساوت عندهم الأمور فهو لا يرى فرقا بين رمضان وغير رمضان وهو لا يرى فرقا بين العشر الأواخر ولا العشر الأوائل، بل ربما صلى وصام ويأتيه الشيطان في آخر المطاف فيهمس في أذنيه أترى أن الله غفر ذنوبك ؟ويبقى السؤال مطروحا وهذا العبد الأسير العادة لا يكاد يجيب. إن إحسان الظن بالله مقدمة لإحسان الظن بالخلق ومن أحسن الظن بالخلق ارتاحت نفسه .
36.نحن نعبد الله علي يقين ،فلا يعني اغتنام العشر الأواخر أن ترى ثمرة عملك مباشرة بعد اجتهادك أو تتوقف،يب من علامة قبول الحسنة الحسنة بعدها والمسلم يمضي في دربه فالجزاء سيناله بإذن الله عاجلا أو آجلا، والذي يريد أن يرى ثمرة عمله مباشرة متعجل ولم يفهم حقيقة هذا الدين ،قال تعالي lإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذالك هو الفوز العظيم )
والبعض يتعامل مع الله جل وعلا وكأنه يريد أن يرى ثمرة عمله في اليوم الذي عمله وذالك هو الخسران المبين قال تعالي lومن الناس من يعبد الله علي حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والآخرة ذالك هو الخسران المبين ).
37.هناك إخوان لنا مجاهدون مرابطون علي الثغور قلوبهم علي أيديهم ينتظرون دعاء إخوانهم ، مني ومنك ومن الجميع .طالما أعلنا إعجابنا بنا وقد جاءت اللحظة لنذكر هم عند رب العالمين في أعز وأجمل وأكمل اللحظات بأن يحفظهم الله ويسدد خطاهم ورميتهم ويبارك في أعمالهم ويكلأهم بعينه التي لا تنام وركنه الذي لا يضام، نقصد إخواننا المجاهدين الصادقين وأن يهدي أولئك المعتدين علي أمتهم باسم الجهاد والعياذ بالله.
38.التنويع في العبادات له الأثر البالغ في طرد الملل والتعب والنصب فمن قراءة للقرآن الكريم إلي قراءة للتفسير إلى دعاء حار تسر لمولاك فيه بكل ما يدور بين جوانحك إلى ذكر ترطب به لسانك وتدفع به رعونات النفس المتدافعة،وتأمل الآيات التالية لتعلم أن للذكر مفعول قوي في دفع رعونات النفس
قال تعالي (ألا بذكر الله تطمئن النفوس)
ولقد نعلم انك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين
فاصبر علي ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب
اصبر علي ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب
39.الهدف من مثل هذه الأعمال إصلاح الباطن ومتى لم يتحقق صلاح الباطن فلازالت بينك وبين تحقيق معنى التقوى مفاوز ،لأن معني التقوى صلاح الظاهر والباطن ولا يعقل أن ترى عبدا من عباد الله معتكفا ذاكرا ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه ثم هو حقود لدود لا يحب الخير للناس .ومجاهدة النفس من أشق الأعمال فقد كان الصالحون يتعمدون التواضع ويفرون من البروز أمام الناس ويخشون علي أنفسهم العجب والغرور ويحملون النفس على المكاره حتى تستقيم وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين .
40على قدر اجتهادك تكون منزلتك عند الله والمؤمن لا يرضي بالدون ومن رضي بالصف الآخر بقي مع الأواخر وعلي قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلي قدر أهل الكرام تأتي المكارم